Ad Blocker Detected
Our website is made possible by displaying online advertisements to our visitors. Please consider supporting us by disabling your ad blocker.
كتبت ايفا أبي حيدر في “الجمهورية”: مع اشتداد القيود المصرفية على المودعين، وفي ظل استمرار اجواء القلق والخوف عند الناس، علامات استفهام عدة تُطرح عن حقيقة أوضاع المصارف اللبنانية ومدى متانتها. وما سيكون مصير الودائع في حال اهتزّ مصرف أو أفلس؟
فيما كان ينتظر اللبنانيون التخفيف من القيود المصرفية اعتبارًا من هذا الاسبوع كما أشيع الاسبوع الماضي، استفاقوا امس على قيود مصرفية أكثر تشدّدًا. فقد لجأ أحد المصارف الكبرى الى وقف دفع الرواتب والشيكات بالدولار، لينضم بذلك الى مصارف أخرى اعتمدت هذا الخيار. وعليه، فقد فقدت الرواتب رسميًا أكثر من 60 في المئة من قيمتها بعدما تخطّى سعر صرف الدولار 2500 ليرة.
هذه الإجراءات تثير مخاوف الناس، في ظل اشاعات عن احتمال تعرّض مصارف الى الافلاس.
السؤال المطروح في هذه الحالة: اذا تعرّض مصرف ما الى الافلاس، ما مصير الودائع والمودعين والمقترضين؟ وهل من دور يمكن للمركزي ان يلعبه في ظل كل هذه الضغوط على الليرة؟
في هذا السياق، أوضح القانوني بول مرقص، انّ المرسوم الاشتراعي رقم 67 المتعلق بتصفية المصارف، هو الذي يرعى حقوق المودعين، كما أُضيفت مادة الى قانون موازنة 2020 الذي صدر منذ نحو اسبوعين، بضمان الودائع لغاية 75 مليون ليرة. لكن السؤال المطروح: ماذا في حال افلس أكثر من مصرف؟ إذ ليس من الواضح بعد كيف ستؤمّن المؤسسة الوطنية لضمان الودائع المصرفية مواردها، وخصوصًا بعدما رُفع المبلغ من 5 ملايين ليرة الى 75 مليون ليرة. وأبدى مرقص خشيته من ان تبقى هذه الضمانة حبرًا على ورق في حال شهدنا افلاسًا لأكثر من مصرف. وهذه الخشية لا تعني مطلقًا انّ المصارف تتجّه نحو الافلاس، ونشدّد هنا على فرضية “في حال”.
وأكّد مرقص انّ الوديعة اكانت بالدولار او بالعملة اللبنانية ينطبق عليها مبدأ ضمان الودائع، مع العلم انّ القانون الذي أُقرّ من ضمن الموازنة لم يأخذ بالاعتبار النسب والشطور. فمن لديه وديعة بـ5 ملايين ليرة يأخذ 5 ملايين ومن لديه وديعة بـ75 مليون ليرة يأخذ هذا المبلغ، وهو الحد الاقصى، بحيث لا تدفع المؤسسة أكثر من هذا المبلغ.
وفي حال افلس مصرف معيّن، تُعيّن لجنة لتصفية المصرف، والمُصفّي هو الذي يستوفي ديون المصرف تجاه الغير، وخصوصًا المقترضين، ويؤمّن دفع ودائع العملاء، مع العلم انّ مصرف لبنان هو من يُعيّن المُصفّي، والذي له حق البرمجة والاستهلاك، والمقصود بالبرمجة إعادة جدولة الدين. أما حق الاستهلاك فيعني محو جزء بسيط من الدين، غالبًا ما يتناول شطور الفوائد المدينة المرتفعة.
وأوضح، انّه اذا اقتصر الإفلاس على مصرف واحد، ستظل اموال المودعين محمية ومغطّاة. اما اذا حصلت إفلاسات متعددة، فأبدى مرقص خشية من الّا يكون بمقدور مؤسسة ضمان الودائع ان تغطي جميع المودعين في اكثر من مصرف مفلس. واعتبر انّه في هذه الحال يمكن استبدال الاموال النقدية بأسهم تُعطى للمودع في المصرف المفلس، في حال كان ثمة اكثر من مصرف متجهاً نحو التصفية.
وعمّا إذا كانت لا تزال الظروف الراهنة تسمح بأن يتدخّل مصرف لبنان كما كان يفعل في السابق لاستيعاب المصارف المتعثرة ومنع الانهيار، قال مرقص: “سيتدخّل مصرف لبنان بطبيعة الحال، لكن قبل الافلاس هناك التعثر (اي التوقف عن الدفع). ففي حال كان هناك اكثر من مصرف متعثراً وكان من ضمنها مصارف كبرى، يصبح من الأصعب على مصرف لبنان التدخّل، لأنّ قدرته المتبقية للتدخّل لا تزال كبيرة انما محدودة، وتصبح أقل بمقدار ارتفاع عدد المصارف المتعثرة”.
وردًا على سؤال، أوضح مرقص انّ هناك عوامل عدة تُعرّض المصرف للإفلاس، لذلك من المستحسن الإسراع بعملية الدمج بين المصارف، وان تستفيد المصارف من قانون تسهيل اندماج المصارف الصادر عام 1992 وتمديداته المتلاحقة، والذي يمنح تسهيلات للمصارف بغية الاندماج.
واوضح، انّ المصارف اليوم تعاني من مشكلات عدة غير الافلاس، على سبيل المثال، قد لا يكون أحد المصارف في حالة افلاس او تعثر، انما لم يعد في مقدوره مثلًا تلبية حاجات المودعين اليومية من السيولة، وتلبية حالة التهافت اليومية على السيولة من قِبل المودعين. هذا التهافت غير طبيعي وغير مبرّر، ويسهم في إضعاف القطاع المصرفي ويُسمّى run، بحيث لا طاقة لأي مصرف عالمي، مهما كان حجمه، على تحمّله، خصوصًا بالعملات الاجنبية، لأنّ العملات الاجنبية هي خدمة تقّدمها المصارف وليست موجبًا عليها. ولفت الى انّ المصدر الاساس للتهافت على العملات الصعبة يعود الى فقدان الثقة، وتخزين كميات النقد الورقي الاجنبي في المنازل والمكاتب والمحال، والتي بلغت نحو 5 مليارات دولار.
وأسف مرقص لأنّ مشروع القيود المصرفية الجاري تنظيمه اليوم بموجب نص، لم يأخذ في الاعتبار هذه الكمية من النقد الورقي الاجنبي في الاماكن الخاصة، ولم يسعَ الى تشجيع اصحابها لإعادتها الى المصارف، حيث اعتبر الـ fresh money هو ذاك الناتج عن تحاويل خارجية الى لبنان، ولا يشمل إعادة النقد الورقي الاجنبي الى المصارف، وهذا يندرج من ضمن النواقص في النص التنظيمي المُقترح.